هل يستطيع الانسان عندما يرفع بصره نحو السماء أن يتمثل 100 مليار من النجوم التي تتكون منها درب التبانة؟
وصف درب التبانة:
تدخل كل النجوم التي تظهر ليلا ضمن المنظومة الكوكبية الشاسعة: درب التبانة وباستثناء النجوم القريبهة من الشمس التي يمكن ادراكها بوضوح بالعين المجردة توجد نجوم أخرى على شكل ذيول من الضوء تتباين درجة عتمتها ، و يذكرنا لونها بلون الحليب وهذا التشابه هو الذي أدى إلى تسميتها بدرب التبانة (أي الحليب)، وهناك نجوم اخرى لا يمكن رؤيتها بسبب سحب من الغازات و الغبار، وفي الواقع أن عدد النجوم الغير المرئية يفوق بكثير عدد النجوم المرئية والتي تشكل قرص مسطح ولو كان بامكاننا ملاحظة درب التبانة من الأعلى ومن بعيد للاحظنا شكله الحلزوني.
بنية درب التبانة:
يتكون درب التبانة من حوالي مئات الملايير من النجوم المنتظمة بالنسبة لمركز المجرة حيث يتناقص عددها كل ما ابتعدنا عن المركز والعكس صحيح ولو تمثلنا درب التبانة بواسطة خطاطة جانبية لأمكننا تقريبا رسم شكله يشبه الكعكة المسماة 《مادلين》 التي يشكل فيها المركز تمددا نحو الأعلى مساويا للتمدد نحو الاسفل وتمثل الكرة المكونة على هذا النحو المذكور مركز المجرة المتشكل من ركام مهم من النجوم.
ملايين السنوات الضوئية:
تمتد النجوم عبر عدد هائل من الكيلومترات ولو أخذنا منظومة الشمس كنقطة مرجعية للاحظنا أنها توجد على بعد(0.05km × 10¹⁶) من حافة القرص التي تشكله المجرة، وعلى بعد (30km×10¹⁶) من المركز.
في حين أن هناك وسيلة أبسط لحساب المسافات في الفضاء ونعني بها السنة الضوئية ونحن نعلم أن الضوء ينتقل بسرعه 300,000 كلم في الثانية لذلك يكفي ان نضرب هذا العدد في عدد الثواني المنصرمة خلال سنة للحصول على المسافة التي يقطعها الضوء بناءا على هذا المعيار وبمساعدة هذا السلم نلاحظ بأن قطر المجرة يصل إلى 100 الف سنة ضوئية وخصوصا عندما نفكر بأن الضوء يستغرق ثانية و 28 جزءا من المئة كي يقطع المسافة ما بين الأرض والقمر (384000km),و أنه يستغرق 8 دقائق و 18 ثانية ليقطع المسافة ما بين الشمس والارض و 6 ساعات للانتقال من كوكب بلوتون إلى الأرض.
وعندما نفكر في كل ذلك نتمكن أنذاك من تمثل عدد الأبعاد القصية إلى أبعد مئات الآلاف من النجوم على شكل سحاب نجمي كروي يسمى اسم هالو ويبلغ قطر هذه المجموعة حوالي 15×10¹⁶ كلم.
ولا تلتصق النجوم بطبيعة الحال ببعضها فالمسافات التي تفصل بينها تتفاوت غير أننا على سبيل الاستدلال نستطيع اعطاء سلم تقريبي للمسافات الفاصلة بينها فلو افترضنا مثلا أن طول قطر النجمة يساوي 1 سنتيمتر فان بعدها المتوسط عن نجمة أخرى يكون مساويا ل 700 كلم وحسب هذا السلم فإن قطر درب التبانة يساوي 500 مرة قطر الأرض لكن التمثل الواقعي لمثل هذه المسافات لابد انه ينبني على أقيسة تصل إلى ملايين الكيلومترات.
التركيبة الكيميائية لدرب التبانة:
تتكون نسبة 10% من الكتلة الكلية لدرب التبانة من الغازات (الهيدروجين والهيليوم اساسا) ومن 0.1% من الغبار المجري، على سمك 0.05×10¹⁶ كلم. و تسمى هذه المادة 《البنجمية》لأنها لا ترتبط بالنجوم، وإنما توجد حرة في الفضاء.
ويمكن ان نميز بوضوح هذه الطبقه من الغازات والأغبرة التي تمتص الضوء بقوة على صورة شمسية للسديم الحلزوني للمجموعة النجمية ضفيرة بيرينيس.
ويميز العلماء في درب التبانة بين مجموعتين من النجوم أن على مستوى الموقع التي تحتلها أو على مستوى تكوينها الكيميائي الخاص بها فهناك أولا النجوم الحديثة العهد المتصلة بالمادة البنجمية أساسا، والممتدة على أذرع الشكل الحلزوني (الساكنة البنجمية الاولى) ثم هناك النجوم القديمة التي تحتل المنطقة المركزية (الساكن البنجمية الثانية) وبسبب تفاوت العمر بينهما يلاحظ بأن كمية العناصر الكيميائي؛ ذات الرقم الذري المتجاوز الإثنين أي أثقل من الهيليوم هي كمية تفوق 10 مرات كمية الهيدروجين الموجودة في نجوم (الساكنة النجمية الأولى)، وبالفعل فإن النجوم القديمة قد تعرضت للعديد من التطورات النووية (تفاعلات متتالية للهيدروجين على الدوتريوم وعلى الليثيوم و البيرليوم و البور، واخيرا انصهار الهيدروجين).
دينامية درب التبانة:
تتحرك نجوم درب التبانة حركة دورانية حول مركز المجرة وفق مسارات تتراوح ما بين المسار الاهليجي والمسار الكروي وهي حركات غير منتظمة حيث تتوقف مدة دوران المسافة التي تفصل مركز المجرة عن النجمة وهكذا فإن دوران النجمة يوجد بالقرب من المركز يدوم ما يقرب من 70 مليون سنة، بينما تحتاج الشمس ل250 مليون سنة للقيام بدورة كاملة وتكون مدة الدوران أطول في المناطق النائية عن مركز المجرة، ويسمى هذا التفاوت الملاحظ بين مختلف سرعات مدة الدوران بالدوران التفاضلي اما احديداب أذرع الشكل الحلزوني فيطابق بالضبط اتجاه دوران المجرة ذاتها.
بنية الشكل الحلزوني:
افترض العلماء أن بنية درب التبانة هي بنية ذات شكل حلزوني، شأنها في ذلك شأن العديد من الاجرام الخارجية عن المجرة، ولم تمكن التقنيات البصرية من اثبات هذه الفرضية لأن الأجهزة الخاصة بتلك التقنيات لا تمكن إلا من تتبع منظومتنا الشمسية والنجوم القريبة منها فقط. أما الحجة العلمية فيعود الفضل في تقديمها إلى علم الفلك الاشعاعي، ولفهم هذه البرهنة يجب وقبل كل شيء معرفة أمرين : أولا أن الموجات الهيرتزية (موجات راديو كهربائية) يمكن ان تخترق بحرية غيوم الأغبرة البنجمية ، و ثانيا أن امتصاص أذرع المجرة للهيدروجين المحايد يعبر عن حركة اقتراب و توسع، وعند ظهور هذا الهيدروجين المحايد بواسطة امتصاصه من طرف مصادر الاشعاع المرتبطة بهيدروجين الأذرع، فإنه يعطي وسيلة غير مباشرة لحساب مسافة الجرم الموجود وراء الذراع.
تعليقات
إرسال تعليق